كنت ولازلت أحب أفلام وروايات الخيال العلمي. الخيال الذي يأخذ العلم إلى نهاية غاياته، ويتجاوز عقباته، حتى يصل إلى أقصى ما يمكن، محققًا كل ما يتمناه الإنسان.
فمثلًا، يتناول كُـتّـاب الخيال العلمي دائمًا مسألة التحكم بالوقت، أو فكرة كآلة الزمن التي تتحرك على خط الزمن ماضيًا ومستقبلًا.
بالمناسبة اختراع كآلة الزمن أراه مخيفًا جدًا. فأنا شخص مقتنع بكثير من الحقائق والمعلومات التي تلقيتها، ومطمئن إليها، ولا أريد معاينتها ولا اختبارها. أخاف أن أصدم بالحقائق العارية، إضافةً إلى محدودية وقتي الذي لن يسمح لي بتببـنّي قناعات أخرى.
لو عُرضت علي كل القدرات الخارقة، كطاقية الإخفاء، أو أكسير الحياة، أو آلة الزمن، أو غيرها، لاخترت بلا تردد: الانتقال الآني. وهو ببساطة انتقال الجسم المادي من مكان ما، وتجسده في مكان آخر بدون وسط ناقل وفي لا زمن تقريبا.
وهو بالضبط – إذا أردت تخيله – يحدث مثل انتقال الورقة في جهاز الفاكس (وهو جهاز عتيق يعرفه من تجاوز الأربعين).
أنا مستعد وأنا بكامل قواي العقلية، لدفع كل ما أملك، ورهن بيتي (المستقبلي) حتى لو وصل الأمر لبيع كليتي، ثمنًا للحصول على الانتقال الآني!
تخيل معي أيها القارئ الكريم كم من الساعات سأكسب؟ ما كمية “الروقان” التي سأحظى بها؟ يالله، سأتجاوز زحمة الرياض التي يضرب بها المثل، ويشيب لها الولدان، ستصبح الزحمة شيئًا من الماضي، أتذكرها وأقول: “الله لا يعيدها”. إن ميزة ستحقق لي كل ذلك تستحق التضحية.
ايهٍ ثم ايه، لن تشغلني أسعار البنزين بعدك أيها الانتقال الآني الحبيب، ستنقطع مخالفات ساهر التي تزورني بين الحين والآخر، سأنسى قيادة السيارة وشكل الطائرة، ولن أحزن لذلك طبعًا.
لا تخف علي يا صاحبي. أستطيع تعويض خسارتي بسهولة، سأكون كالعفريت الذي عنده علم من الكتاب، أُمشط القارات السبع تمشيطًا، أشتري المنتجات الفائضة في مكان ما “بتراب الفلوس”، وأبيعها، على من يحلم بها، بعد تدبيل السعر عشر مرات، أو عشرين مرة فقط!
سأحتاج إلى هيئة شرعية أو مفتي متنقل يساعدني. فأنا كل يوم مقيم ومسافر، فكيف سأصلي؟ وكيف سأصوم!؟ ستمر بي ايام كثيرة كلها ليل وأيام كثيرة كلها نهار! فماذا أفعل؟ فالأرض كروية وتدور (نعم كروية كروية كروية) والليل والنهار يتعاقبان كما يعلم الجميع.
أعلم أنني استرسلت في أحلامي كثيرًا، أعذروني، فالأماني رأس مال المفاليس.