منقطعًا في الصحراء، يحفر عميقًا في الأرض حتى يصيب كنزه بلا إزعاج.
لا يُريد أحدًا. مكتفٍ بنفسه. رسخ في أعماقه أن الاجتماعات والعلاقات وقتُ فراغ ميت، وكلام بلا فائدة. لا بد من قليلٍ منها طبعًا، لكنها ليست إلا عبئًا!
الصورة التي تتبادر إلى أذهاننا فورًا حين نتحدث عن تحسين الذات، صورة بالأسود والأبيض لشخص يجلس وحده، يحمل كتاباً، أو يمارس التأمل في عزلة.
لكن هل فكرنا يوماً في أن تحسين الذات وتطويرها يمكن أن يكون أكثر فعالية ومتعة إذا كان نشاطاً جماعياً؟ بوجهٍ عام، أَزعُم أن ذلك ممكن ولكنه ليس سهلًا.
إذن ما الأسباب التي تجعل من تحسين الذات جماعةً تجربة أفضل؟
1- الدعم والتشجيع
الاستمرارية واحدةٌ من أكبر التحديات في رحلة تحسين الذات. الحافز الذاتي أحيانًا يكون كالريشة في مهب الريح، ما أسرع ما تطير حين تكون لوحدها.
لكننا عندما ننخرط في مجموعة، يتآزر الريش، ونجد الدعم والتشجيع من الآخرين. الذين يشدّون عضدنا ويدفعوننا لمواصلة المسير حين نفتر. ونحظى بصحبة تجعل تجربة التطور والبناء أمتع وأسرع.
لكل منا تجارب وخبرات مختلفة يشارك بها في رحلة تحسين الذات. ويبني هذا التشارك الطوعيّ المهارات المهمة بسرعة، ويُجنّب أعضاء الفريق الأخطاء المعتادة التي قد تواجههم أفرادًا. ويجعل الميزة الفردية في الواحد موزّعة على المجموع كلّه.
2- الالتزام والمساءلة
من السهل تأجيل أهدافنا الشخصية أو تجاهلها حين نكون منفردين بلا حسيب ولا رقيب. لكنك إذا كنتَ جزءًا من مجموعة، ستشعُر بمسؤولية أكبر تجاه تحقيق أهدافها. أنت المستفيد حقًا، فهذا الالتزام الذي فرضته الجماعة هو روح النجاح، ومُحرّكه الأقوى الذي يعزّز فرصته.
أذكر أنّ أحد أصحابي حاول الالتزام في النادي الرياضي فلم يفلح. لذلك، سلك طريقًا صعبًا، إذ ألزم نفسه أن يرافق اثنين من عُتاة الحديد وحرق السعرات الحرارية في كل مرة يذهبان فيها إلى النادي. وكان الشرط الجزائي عليه: أنّه إذا فوّت يومًا -بدون عذر مقبول- يلزمه دعوتهم على عشاء في مطعم “ستيك” مشوي.
أطعَمَهم صاحبنا عدّة مرات، غير أن هذا الشرط القاسي آتى ثماره، وجعله يحقق نتيجة ممتازة في مدة قصيرة.
3- تعزيز الروابط الاجتماعية
تحسين الذات جماعةً يخلق شعورًا بالانتماء والتعاون، لا يمكن أن نُحصّله أفرادًا. الأشخاص الذين يشاركوننا نفس الاهتمامات والأهداف ويقضون معنا وقتًا طويلًا فيها هم أصدقاء حقيقيون. بالإضافة إلى أنّ الأنشطة الجماعية مع من نُحبّهم ممتعة للغاية. تفاعل جميل، وتحدٍّ متبادل، واحتفال بالإنجازات سويًا، كلها تُسهّل رحلة التطوير الطويلة المُتعبة.
خلاصة القول
تحسين الذات لا يجب أن يكون رحلة انفرادية مملة.
حان وقت البوح بالسر: انتصرت السلحفاة المتقوقعة على الأرنب بصبرها ودأبها، ولأنها وجدت أرنبًا منفردًا لا معين له، ولم يوقظه أحد حين غفى في منتصف السباق.
كالعادة أيها الطارق العزيز على أبواب الفكر
تستفز فينا كل جميل
و الخميس يأخذ منك ولا تأخذ منه من أنس
هيا نتعاضد