صورة تمثل قصة النبي دانيال مع الأسود |
لو أخذْنا ورقة وقلمًا، وحسبْنا الوقت الذي ينام فيه الأسد أو الذي يكسل فيه،
بالنسبة إلى الوقت الذي يمارس فيه مهام الحكم وأعباءه كــ”ملك الغابة” لكانت النسبة واحدًا إلى عشرة.
لا يهمّ سيبقى الأسد ملكًا للغابة رغم ذلك.
انقلوا عني أنني أحترم كل الأسود وأهابُهم، ما عدا أسدَين مُنكَرَين:
أسد اللانِستر و…سكار!
وأنا آسف ان أضع الغالي “سكار” مع اللانِستر؛ لكنني إلى الآن ما غفرت له إجرامه في حق العائلة المالكة!
الأسد يُزيّن كل شيء يظهر فيه.
تذكّر معي إن كنت من جيل “الفيديو” كيف كنا نتسمّر أمام أسد “MGM” الذي يزأر في الحلقة الذهبية فيبثّ فينا حماس الفُرجة، وكيف كنا نعيد هذه اللقطة عشرات المرات!
بدأتُ قراءة كتب التراث منذ الطفولة، فكنت أتساءل:
لِمَ حضر الأسد في تاريخنا العربي، وقيلت فيه الأشعار وضُربت له الأمثال وكان للناس معه أخبار، واليوم لا يُرى الأسد في إقليمنا كله!؟
غُرست في عقلي إجابةٌ لم أحققها منذ ذلك الحين.
وهي أن الأسد انقطعت رجله عن الجزيرة العربية بعد حَفر قناة السويس!!
ولا أدري عن صحة هذه النظرية المليئة بالثغرات!
إلى اسم الأسد انتسبت قبيلة عربية عريقة، سُمّيت بـ”بنو أسد” وأخبارهم وأعلامهم كثيرة في كتب التاريخ والأدب.
منهم عكاشة بن محصن الصحابي الجليل الذي سبق بالجنة وأُرسل وعده مثلًا يُضرب إلى اليوم: “سبقك بها عكاشة”.
وخصمه طليحة بن خويلد الذي ارتدّ وادّعى النبوّة ثم تاب وحسن إسلامه.
والمفارقة العجيبة أن قاتل عكاشة هو طليحة نفسه! قتله يوم بَزاخة سنة 11هـ، في حروب المرتدين.
وبنو أسد بن عبد العزى، والنسبة إليهم “أسدي” بطن أو قبيل من قريش. منهم حواري الرسول ﷺ الزبير بن العوام، وأم المؤمنين وأول المُصدّقين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
بين الأسود والضباع صراع كبرّه الأعلام ونفخ في ناره فلا تكاد تجد وثائقيًا -ولو من أيام الأبيض والأسود- إلا تناول هذا الصراع وغذّاه بالحقائق والأوهام.
حتى في فيلم “الأسد الملك” معشوق الجماهير، لم تطُل فترة السلم أيام حكم “سكار” البائس، وعادت الثارات القديمة بين الفريقين للظهور.
أنت شجاع غضنفر مقدام، لا تهابُ المخاطر.
أرجوك ألّا تأخذ هذا التشجيع المجازي على محمل الجد بظاهر حروفه.
وإياك أن تتحدى الأسد أو تعبث معه، فالأسد يُفرّ منه ولا يواجه. ألم يقل ﷺ: “فر من المجذوم فرارك من الأسد”.
لا تتفاءل، لن ينقلب الأسد وديعًا بين يديك، فأنت لست النبي دانيال عليه السلام.
بل الأقرب إلى الظن أن الذي سيحدث لك هو السيناريو الأسوأ في الذاكرة البشرية.
حين كان الأباطرة الرومان وولاتهم يرفّهون عن أنفسهم وشعوبهم، بإطلاق الأسود الجائعة على الدُعاة المسيحيين الأوائل فتفترسهم وتنهش لحومهم!
قَرأنا في كتب المعلومات العامة، وكتب الأسئلة والأجوبة البيضاء التي كانت تطبعها دار طويق مشكورةً أن الأسد له في العربية 500 اسم!
لا عجب، فكثرة الأسماء دليل على عِظَم المُسمّى.
شاهدتُ وأنا صغير أوبريتًا غنائيًا في الجنادرية اسمه “عرين الأُسْد”، كان حينها ولي العهد أبو متعب -رحمه الله- يضع الرباط الضاغط على رقبته ويتفاعل مع العرضة السعودية بحماس.
وهو من الأوبريتات القليلة التي حضرتها لايف!
طبعًا أقصد لايف في التلفزيون فقط. 😩
كفاك الله شر المدير المِستأسد، الذي يُمارس عليك بطولاته وفتوحاته، ويتخاذل ويذل إذا جد الجد ولقي الكبار.
الجبان الذي يصدق فيه قول الشاعر:
أَسَدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة
فَتْخَاء تَنْفُرُ من صفير الصافرِ
عند الأسد جانب إنساني حجبته وحشية الطبيعة، والظروف الصعبة التي يعيش فيها.
ولكنه قد يظهر في أرقّ صوره! واقرأوا إن شئتم قصة الأسد “سلطان” مع مدرب السيرك “محمد الحلو”.
الأسد صاحب شعر كثيف ولبدة صحيحة وافرة، ولا أتخيّل ليثًا يعاني من تساقط الشعر!
فذلك أشبه بفقدان الهُويّة الأسديّة في نظري!
للأسد بيعةٌ في أعناق الحيوانات قد ينقضها الحيوان أحياناً، ويتجاهلها الأسد دائمًا، فعالم الغابة لا قوانين فيه.
والأسد يدرك ذلك ويتعامل معه بحسم.
أكرر أسفي للأسد صاحب اللبدة السوداء “سكار”! 💔