صورة مولّدة باستخدام الذكاء الاصطناعي

كيف تكتب كتابًا (غير الروايات) وأنت لست خبيرًا في مجاله!؟

“لا يوجد شخص في العالم يمكنه أن يفعل ما تفعله أنت، أو يفكر بالطريقة التي تفكر بها، أو يخلق ما يمكنك خلقه.” باربرا شير

“Joanna Penn” جوانا بِن مؤلّفة ومدوِّنة صوتية (بودكاستر) ورائدة أعمال. حازت العديد من الجوائز في الولايات المتحدة الأمريكية. كَتبَت في الخيال، والإثارة والديستوبيا، والجريمة، وغيرها. وهي صاحبة المذكرات الأكثر مبيعًا باسم جي إف بِن.

أنشأت جوانا مدوّنة فريدةً من نوعها، خصصتها للكُتّاب المبتدئين والمتوسطين، الذين يحتاجون إلى مشورة حِرَفيّة ليتقدموا في رحلتهم ويصلوا إلى نتائج أفضل. اسم المدوّنة  “بِن المبدعة” (The Creative Penn).

 

في أحد الاستطلاعات على موقع المدونة، طرحت على جمهورها السؤال التالي:  “ما الذي يمنعك من الكتابة؟”

وكانت أغلب الإجابات متلخّصة في نقطتين:

  • هل أنا كفء أصلًا  لكتابة كتاب!؟
  • الخوف من الغش. أو متلازمة المحتال! (وهي تشوّه نفسي يشك فيه المرء بإنجازاته، ويصاحبه خوف داخلي دائم من أن يعتبره الآخرون محتالًا!)

إليكم بعض تعليقاتهم:

  • هل أستطيع الكتابة عن موضوع لست خبيرًا فيه؟ أشعر هكذا أنني محتال.
  •  ليس لديّ الحق لكتابة كتاب غير الروايات والقصص.
  •  لستُ خبيرًا في هذا المجال.
  • أحتاج إلى درجة دكتوراه ليؤخذ كتابي على محمل الجد.
  • حقًا! هل يصحّ أن أكتب الكتاب حتى لو لم أكن محترفًا معترفًا به في المجال؟
  • عندي خبرة تمتدّ لـ30 عامًا، ولكن بغض النظر عن هذا، فإن الشك والخوف يمنعانني من الكتابة.

بالنسبة لك عزيزي القارئ، إذا كنت تتبنى هذه الأفكار كلها أو أحدها فاعتقد اعتقادًا جازمًا ما يلي:

"يُمكنني مساعدة الناس بغض النظر عن مرحلتي. سواءً كنت مبتدئًا أم خبيرًا".

تُضيف صاحبة المدونة: “أنا لستُ مالكوم جلادويل، أو إليزابيث جيلبرت، أو أي من الكتاب غير الروائيين المشهورين الذين يخطرون ببالك، وتعدّهم من القدوات والأساطير. لكنني كاتبة بلا جدال. وقد كتبت ثمانية كتب غير الروايات والقصص. فمن حقّي أن أتحدّث عن الكتب وتأليفها.

أنا لست من المشاهير الذين يشار إليهم بالبنان، ولا أحوز درجةً علميةً في الكتابة أو النشر، لكني أستطيع مشاركتك تفاصيل رحلتي وما أتعلّمه طوال الطريق.

هذه نقطة لصالحك:  تجربتي ونصائحي في أي كتاب ستكون أكثر صلة بك لأنني مثلك لست مشهورة ولا معروفة. أنا وأنت قريبان من بعضنا بدرجة ما. وما أقوله سيؤثر فيك أو يساعدك أو يلهمك”.

 

 

الكتاب لن يكون عنك! لا تقلق، ليس من أجل سواد عينيك!

بالطبع، الكتاب منسوب إليك حيث أنّك كتبته بناءً على تجربتك ورأيك. ولكن على مستوىً آخر، الكتاب ليس عنك على الإطلاق. كيف ذلك!؟

 

عندما يقع الكتاب في يد سعادة القارئ يكون كل شيء في الكتاب عن سعادته. البشر يقرأون لتحسين حياتهم هم، ولا يهتمون بك أيّها الكاتب. إنهم يتّخذون كتابك سلّما يصعدون عليه فقط. أحدهم يظنّ أنه قد يتعلّم شيئًا مما كتبْت، أو يهرب من جحيم حياته لبعض الوقت مستعينًا بكتابك.

 

لا يجب أن تكون على صواب.إنها وجهة نظرك.

يقلق بعض الكتاب من جودة محتوى كتبهم. إذ يعتقدون أن كتابهم لا بدّ أن يكون موضوعيًا وصحيحًا من كل النواحي! ولأن ذلك مستحيل عمليًا، لا ينهون الكتاب أبدًا.

 

في كتاب “الكاتب الصحيّ” (The Healthy Writer)، عَمَد المؤلف الدكتور إيوان لوسون، إلى الدراسات الطبية في المجلات المُحكّـمة المرموقة لدعم اقتراحاته الجديدة في الممارسات الصحية. وحشد منها قدرًا كبيرًا، بذل فيه وقتًا وجهدًا. لكن ما النتيجة!؟

 

لقد أثّرت القصص الشخصية له ولمعارفه في الناس كثيرًا. وَرَدتْه آلاف الاتصالات بشأن الكتاب تتحدّث معه عن تجربة فلان والطريقة التي عالجت علّان. أما الدراسات الإحصائية والأوراق العلمية التي حفل بها الكتاب فكأنها كانت غير موجودة.

 

 

ضعفك الإنسانيّ وأصالة محتواك تصل إلى أعماق الآخرين.

اللحظة التي تشعر فيها، أنك تمشي في الشارع عارياً! تظهر قلبك وعقلك، وما يوجد بداخلك. تظهر الكثير من نفسك… تلك هي اللحظة التي بدأتَ فيها إصابة الهدف. نيل جايمان

حسنًا، لنفترض أنني كتبتُ كتابًا، لماذا سيهتمّ الناس بي وبكتابي؟

كلمة السر في ذلك هي قصتك. كيف تقدّمها بعاطفة تمسّ قلوب الناس، و تشاركها معهم بصدق؟

تذكّر أن القصص والتجارب تغلب الحقائق والاحصائيات. المشاعر المُتمثّلة في القصة الصادقة، تنتصر على العقل المُتمثّل في نصوص الحقائق الصحيحة، دائمًا وفي كل مرة. 

 

نحن ممتلؤون بالأخطاء، وحياتنا لا تتشكّل على اختيارات العقل والمنطق. نحبّ المفاجآت السارّة والأحداث غير المتوقعة. وكتابك سيكسب قارئك إذا كان يُشبهه.

لا يجب أن تكون 'كاتبًا عظيمًا' لكتابة كتاب رائع

كن مفيدًا، وملهمًا، وصادقًا، ويستحسن أن تكون مُسليًا 😁 … وسينسى القارئ أي عيب في كتابتك.

 

 

لنعد قليلًا إلى الوراء: من هو الخبير حقًا؟

حسب معجم الرياض للغة العربية المعاصرة، والتابع لمَجمَع الملك سلمان للغة العربية، فكلمة خبير تعني: عالِم أو مختص بعلم أو فن معين.

وفي بعض المراجع القانونية، فالخبير: شخص معترف به كمصدر خبرة في فرع من فروع المعرفة.

 

كما ترى في التعريف، فليس من الواضح تمامًا من هو الخبير؟ 

ما الدرجات العلمية التي يجب عليه تحصيلها؟ كم سنة من الممارسة يحتاج؟ كم عدد الكتب التي يجب أن يقرأها؟ …الخ.

لغتنا العربية قويّة ومعبّرة. لكن معتقدنا حول مصطلح معيّن يمكن أن يُبقينا في إطار ضيق رسمته الكلمات حول ذواتنا.

بصفتك قادرًا على الكتابة والقراءة، فأنت مؤهّل لكتابة شيءٍ يُقرأ. استَزِد من الدرجات العلمية وسنوات الخبرة إن شئت، لكنك تستطيع البداية من الآن.

إذا كنت تنتظر أحدًا يعطيك الإذن لتكون كاتبًا، فلا تقلق، أُذِنَ لك بالكتابة منذ زمن طويل.

 

 

تخيّل أنك تتحدّث مع خبير! يا الله ما هذا الملل!

عند التحدث إلى القراء، هناك طريقة أيسر وأفضل من الخبير المُزعج الذي يعرف كل شيء.

لنسأل أنفسنا سؤال بدهيًا: ماذا يريد منك أيّ قارئ؟ ماذا نريد جميعًا من أيّ تفاعل مع إنسان آخر؟ أهم ما نطلبه باختصار: تسلية، ومعرفة، وتعاطف إنسانيّ.

 

عمّ تبحث حين تتحدث مع زوجتك في المطبخ؟ حين تلتفت إلى لصيقك في القطار أو الطائرة، وتتحدث معه عن شأن غير مهم؟! 

 

حين تتحدث مع عمتك المتباهية في إحدى مناسبات العائلة؟ أجزم -أو أراهن إن كان ذلك أوقع في نفسك 😁- أنك لا تريد سماعها تتفاخر بعظمة أولادها، وإنجازاتهم الهائلة، وكيف أنهم أفضل بكثير من أطفالك. ستهمس بابتسامة صفراء: “توقفي، يا عمة أرجوك”.

 

كتابك لا يختلف كثيرًا عن العمّـة. إذ لا أحد يريد أن يقرأ كيف أنك الأفضل على الإطلاق، الذي عجزت ذوات الأرحام أن يلدن مثله. المنقذ الأعظم للبشرية… هذا مزعج ومستفزّ مثل ثرثرة العمّـة بعد ثمانية فناجين من القهوة.

 

بصفتي قارئًا تجاوز مرحلة المبتدئين ويحق له أن يتكلّم باسم القرّاء أو شريحة منهم، أقول: نحن يهمّنا أن نشعر أنك تعرف عمّ تتحدث عنه، نريد أن نعطيك الثقة اللازمة فقط. لا يهمّنا إطلاقًا أن تثبت لنا أنك الأفضل في مجالك، وهذا في الغالب الأعمّ من الحالات. 

وأيسر طريقة  لذلك هي أن تصيب ثلاثة أهداف:

  • تسلية ومتعة.
  • معارف مهمة ومفيدة.
  • تعاطف وصدق تجربة.

اِرجع بالذاكرة إلى العمّـة الطيبة آنفة الذكر. تخيّل أنها وهي ترتشف فنجانها التاسع، تميل عليك لتُخبرك بقصة مثيرة عن ابن عمك في شقّته الجديدة، ثم تحكي لك بهدوء وقناعة عن طلاق ابنتها قبل مدة.

 تصوّرها وهي تسألك بلطف عن  شعورك بعد تلك الأشهر الصعبة من العمل؟ تقولها وهي تملأ فنجانك مرة أخرى.

كيف تشعر تجاه العمة الآن؟ أحببتها أكثر، أليس كذلك؟

 

كل البشر لديهم شيء يقولونه. شيء يشكّون أنه سيُفيد غيرهم. لذا شاركه بفيض من الإنسانية، وستكون بخير.

سيتحول كتابك من: “افعل هذا! ثم افعل ذلك! استمع إلى الخبير!”

إلى: “دعنا نتحدث. أريد أن أشاركك شيئًا.”

سينتقل من دليل إرشادات صارم إلى شيء شبيه بالمذكرات. أو القصص، ولو بوجه من الوجوه.

 

المِقود بيدك طوال الوقت. ضع نفسك:

  • مسؤولًا واقفًا على المسرح، يُقدم خطابًا ملحميًا.
  •  معلمًا محبوبًا في فصل صغير، يرشد الطلاب بقوله وفعله.
  •  صديقًا حميمًا يجلس على طاولة القهوة، يرتشف منها، ويهمس بكلام من صميم قلبه.

 أو في أي مكان بين هذه الأدوار.

 

 

الخلاصة

تأليف كتاب لغير الخبير ليس مسألة صعبة. ابحث عن قصتك الخاصة، واحكها بنغمتك الشخصية وامضِ في دربك.

تذكّـر لديك كل الحق في الكتابة، ولا ينبغي أن تكون دائمًا مصيبًا. لأنّ كتابك يعبّر عن وجهة نظرك، ويحمل قصتك التي لن تتكرر عند غيرك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top