مسك الختام

 

هناك في ذلك الرف، وُضعت رسالة مختومة قبل 40 يومًا وبالتحديد يوم الأحد الخامس من فبراير. قلبتها يومها فإذا مكتوب على ظرفها باللون الأحمر: “تُفضّ هذه الرسالة بعد 40 ليلة من التدوين اليومي، ولا يسمح بقراءتها قبل ذلك”.

 

اليوم هو السادس عشر من مارس. أتممت العهد، وأوفيت بالذمة، وتركت الرسالة ولم أقترب منها طيلة 40 يومًا، دونت خلالها تدوينات تحدي رديف كلها واحدة تلو الأخرى.

بما أنني التزمت بالشرط ولم أحد عنه، فمعنى ذلك أنني محق كل الحق في أن أفتح الرسالة وأقرأ محتواها.

أخذت مقصًا فاخرًا وشرعت أفتح الظرف. كنت أستطيع فتحه بيدي، لكنني خفت أن أتلف شيئًا منه بدون قصد. أنا أحترم هذه الرسالة وأحب مرسلها كثيرًا، ولا ينبغي أن أعرضها لأي خطر.

فتحت الرسالة واستخرجت الورقة…

طالعني ملصق وردة وقلب كبير… ومكتوب بين مزدوجين:

“أهلًا طارق، أهنّئك من كل قلبي على إكمال المهمّة إلى آخر يوم. لقد خُضت تحديًا صعبًا وأنجزت إنجازًا رائعًا. أفرح بنفسك أنت تستحق ذلك.

مالذي تغير فيك يا طارق؟ ألم تكن تشعر بصعوبة الهدف، ألم يكن خوفك عائقًا لك!؟
أرأيت كيف سارت الأمور!؟ كل هدف يكون هكذا في بدايته كبيرًا صعبًا. نتقازم أمامه ونشعر أنه أكبر من قدراتنا وإمكانياتنا. تتقدم إليه بخطى مرتجفة وأنت قلق متردد بين قبضة الكسل التي تجرك إلى الخلف، وصوتك الداخلي الذي يحذرك من الفشل، ويقول لك: ما لك ولهذا؟؟ لا تتعب نفسك.”

 

أشهد أن هذا الكلام حق، يصف ما جرى لي بالضبط، فقد بدأت التحدي رويدًا رويدًا، وصارت الأمور تتكشف لي يومًا إثر يوم. بنيت ثقةً بالنفس، وأصبح لدي اقتناعٌ تامٌ بأنني قادر على إنجاز الكثير.

تعلمت في #تحدي_رديف أن الالتزام هو مصنع الإنجاز، وأن الاستمرار على طريق الهدف والعمل عليه، هو الضمانة الأولى لبلوغه. إلتزم واعمل وستقترب من هدفك وأنت لا تشعر، أنت مطالب فقط بالالتزام والمواصلة، لا تقلق من التفاصيل الأخرى.

 

لم يكن التحدي سهلًا على الإطلاق. مررت بأيام ركضت فيها ركضًا، ولهثت فيها لهثًا لأدرك كتابة التدوينة قبل الساعة الثانية عشرة ليلًا، وكنت أشعر بالقلق وعدم الراحة إذا حل المساء وأنا لم أكتب أي شيء بعد. يحصل أن أبدأ الكتابة متأخرًا، وأنا أفكر في التدوينة من جهة، وفي تنسيقها وترتيبها على المدونة من جهة أخرى، هذه العملية اكتشفت أنها تستغرق وقتًا لا يستهان به أبدًا!؟

تعلمت في #تحدي_رديف أن الكتابة نهر جارٍ، وأن الحياة فضاء واسع تسبح فيه الأفكار والقصص والمشاعر، وهي حق مشاع تحتاج إلى شخص يلتقطها ويعبر عنها.

لم أكن في هذا الحال من الثراء كل يوم، فقد جاءت علي ليالٍ هربت فيها المواضيع مني، وفرّت الأفكار من رأسي، وكنت ألتفت يمينًا وشمالًا، فلا أجد شيئًا يستحق الكتابة عنه.

أعانتني القراءة كثيرًا فهي نعم الرفيق. شكرًا لك 🙏🏻 صديقي الكتاب 📖 لولا صدق صحبتك وطيب عشرتك، لما استطعت كتابة شيء من قبل ولا من بعد.

 

أيقنت في #تحدي_رديف أن كل شيء يحتاج إلى وقت. وأن الأهداف عزيزة كريمة، لا ترضى بفتات الاهتمام وفضول الأوقات التي نتصدق بها عليها، لا تمنحك الأهداف العظيمة نفسها إلا إذا وجهت لها جُلّ اهتمامك وفرضت لها من سنام الوقت نصيبًا معلومًا لا يشاركها فيه أحد.

 

في #تحدي_رديف صار ذهني أصفى وأهدأ، وأعيش كل يومٍ شعورًا لذيذًا بالإنجاز. تواصلي مع المحيطين بي تطور إلى مستوىً أفضل، وصرت أجد مادة مناسبة للحوار معهم. وقد تحمس كثير منهم معي وصاروا يتابعون تدويناتي بحرص. كثيرٌ منهم تذكروني بدعوة طيبة وتمنوا لي أمنية دافئة، فشكرًا لهم 🙏🏻

 

أشعر الآن بالرضا، وأغمض عيني في سعادة وراحة. لم لا؟ وقد خطوتُ خطوة هي بداية السباق، ونقطة الانطلاق لآفاق أرحب ومجالات أوسع.

#تحدي_رديف أثبت لي بالدليل القاطع أنني قادر على الالتزام والإنتاج، مهما كانت الظروف، وهذه الدعوى يشهد عليها شاهدان عدلان هما هذا الوسم ‫#تحدي_رديف‬، وهذا الحساب ‏‫⁦‪@RadeeffCom‬⁩

 

‏‫‬⁩ ‬ كنت أجلس للكتابة أحياناً ولا شيء في ذهني غير أنني كنت واثقًا من قدرتي على الكتابة واستطاعتي عليها، وأنني سأنشر التدوينة كالعادة بإذن الله.

كتبتُ بالقلم، وسمع من كانوا حولي طقطقة أصابعي على الكيبورد، وكتبتُ بالجوال أيضًا، شعرتُ أن كل هذه الوسائل صديقة لي، ترحب بي وتمنحني فضاءً رحبًا للكتابة.

كل تدوينةٍ فيها شيء مني ولو كان قليلًا، كل فكرة تُحدّث عن كاتبها وتعبر عنه بطريقة أو بأخرى، كل ما تكتبه هو رسمٌ دارسٌ على طريق قديم يشي لقارئه بخبر عن صانعه.

 

جنيت فوائد كثيرة من التحدي، أثريت مدونتي وتحركت مياهها الراكدة، وصرت قادرًا على الكتابة بتركيز، ومرّنت العضلة الكتابية حتى اشتدت وصارت لياقتها عالية. تدربتْ حتى أصبحت قادرةً على التقاط الفكرة وتحويلها لنصوص وأحرف تصطف على السطور. وحثّني ذلك على تعلم طريقة التدوين العصرية الجميلة، لا أزعم أنني أتقنتها، لكني ماضٍ في تطويرها وتحسينها على قدر الإمكان. بنيت لنفسي سيرةً تُثبت أنني كاتب محتوى، والدليل أن التدوينات التي كتبتها تبلغ نصف كتاب (هذه نسبةً متفائلة طبعًا 😊).

أصابني فتور وتناقص شغف، لكن فكرة الانسحاب من التحدي لم تكن واردة أبدًا. من أول يوم أرسلت تدوينتي الأولى لكثير من المعارف، حاولت أن أجعل أكبر قدر من الناس يعلم بالأمر، وصنعت على نفسي ضغطًا مجتمعيًا يجعلني أفكر ألف مرة، لأن فضيحتي ستكون بجلاجل اذا انسحبت.

 

أوجه شكرًا عظيمًا مُحملًا بأسمى معاني الودّ والامتنان لمجتمع رديف ولكل أعضائه فردًا فردًا. فكرتكم إبداعية وجهودكم رائعة 🙏🏻 🌹

أخبركم أنني مشتاق للانضمام إلى هذا المجتمع العظيم.

 

أشكرُ كل من شجعني أو دعمني بتعليق أو إعجاب أو تفاعل مهما قل، أو قرأ لي حرفًا وخصص لي من وقته وألقى بالًا لما كنت أُحدثهُ من عبث بسيط.

هناك من شجعوني وهم لم يقرأوا لي شيئًا، دعموني بمشاعرهم بابتسامتهم بإنصاتهم إلي وأنا أتحدث بجذل عن تدويناتي اليومية وهم يشيعونني بابتسامة صادقة جميلة. شكرًا لهم من القلب.🌹

 

سعيد جدًا أنني وصلت إلى هنا، هذه بداية الطريق، وسنلتقي بإذن الله قريبًا.

أترككم في حفظ الله ورعايته 👋

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 أفكار عن “مسك الختام”

  1. اعتقد بأنني لم استمتع بشيءٍ مكتوب منذ مده بقدر ما انا فيه الان، كتبت فابدعت.. هنيئًا لك على هذا الانجاز الرائع.

Scroll to Top