التحفيز قوة دافعة تُساعدنا على تحقيق أهدافنا. إنه كالوقود الذي يحترق في محرك السيارة ليدفَعَها إلى الأمام.
من منبري هذا أُطالب بالشفقة على التحفيز ورحمته.
لا تظلموه، ولا تضعوه في سلة واحدة مع بيع الوهم والخيال الشاطح المجنِّح، الذي يقنع السلحفاة أنها أسرع من الفهد، أو الدجاجة أنها أشجع من الوَرْد (
لكي تُحفّز إنسانًا يلزم أن تكون بينك وبينه رؤية مشتركة، أو غايات تتفقون عليها. فالمؤمن بالآخرة والحساب، يمكن أن يُحفّز أخاه المؤمن للعمل الصالح ويحثه عليه. لكن ماذا يفعل مع الآخر الذي لا يؤمن بالآخرة أصلًا!؟
يأتي التحفيز من طريقين داخلي ينبع من الذات، وهو الأبقى والأحسن، وخارجي من الآخرين، وهذا لا بأس به ولا غنى لأحد عنه.
قد يكون الهدف نفسه مُحفِّزًا. فعندما تضعُ هدفًأ لك، توازَن بين الطموح والواقعية.
تؤدي الأهداف اليسيرة شديدة السهولة إلى الملل، وعلى العكس، فإن الأهداف شديدة الصعوبة تسبب الإحباط.
لن يعرف أحد هذا. أنت الوحيد القادر على رسم حدودك بدقة، ورحم الله امرأً عرف قدر نسه.
الخوف من الفشل
يقف الخوف من الفشل جدارًا صادًا، وعائقًا كبيرًا، يجعلنا لا نبدأ في أهدافنا ولا نجرب أن “نتحرش” بها.
لأن الواحد منا لو حسب كل المخاطر والسيناريوهات الممكنة، ثم لم يجد من يُشجِّعه ويجرّئه، ويجعله يُهمل حذره قليلًا، لما اتّخذ خطوة إلى الأمام، ولا تقدم.
الفشل حقيقة، لا يمكن أن تقفز فوقها أو تحذفها من “السِستم”. عليك أن تتقبل الفشل فهو جزء من عملية التعلم والنمو.
كما يقول الكاتب الشهير ج. ك. رولينج، “الفشل يعلمنا أشياء عن أنفسنا لا يمكننا تعلمها بأي طريقة أخرى”.
يؤثّر الإرهاق النفسي سلبًا على الصحة والإنتاجية. يجب وجوبًا لازمًا أن ترتاح و”تلقط نفس” فذلك ضروري للتعافي.
التعزيز والتحفيز يقدمان لنا حلولًا سريعة وإن كانت غير مستدامة. فلمسة حانية على جسد منهك، أو كلمة طيبة تلامس قلبًا متألمًا أو عقلًا مشتتًا، تغني عن خطب رنانة، ومجلدات مكتوبة!
هناك معادلة تقول: إذا أردت أن تتكرر الأعمال الجيدة في بيتك أو مؤسستك أو فريقك فكافئها وحفزها.
إن الأعمال الجيدة ابنة شرعية، أبوها التحفيز وأمها المكافأة.
لنحك في ذلك حكاية:
في ريف اليابان الساحر، حيث تُحيط الأشجار الوارفة بالقرى الهادئة، عاش فتى في الخامسة عشرة من عمره، رسم في مخيلته حلمًا جامحًا.
سويتشيرو هوندا، ذلك الفتى الذي ترك قريته الصغيرة متسلحًا بحلم كبير وإرادة لا تلين.
لم يكن سويتشيرو صاحب شهادات أكاديمية مرموقة، لكنه كان عاشقًا متيمًا بعالم الهندسة والميكانيكا.
حبه هذا جعله يبدع ورشة ميكانيكية بسيطة “مكبس” كان يحلم برؤيته ينبض بالحياة في سيارات تويوتا.
بذل كل جهده، وصارت ورشته هي بيته، ولم يتردد في بيع مجوهرات زوجته الثمينة ليحافظ على حلمه حيًا.
عندما يغلق باب، تفتح أبواب جديدة
لا تسير الحياة دائمًا كما نخطط لها. عرض صاحبنا على شركة تويوتا تصميمه فرفضته.
حزن سويتشيرو إلا أنه لم ييأس. ما ترك حلمه ولا استسلم. التحق بمدرسة فنية، أمضى عامين فيها يصقل تصميمه ويحسنه ويطوره حتى صار لا يُرفض.
دخلت الأربعينيات واكتوت اليابان بنار الحرب العالمية الثانية ووُضعت المزيد من العقبات في طريقه.
شحّت المواد الخام وندرت، ودُمّر مصنعه البسيط بالقنابل مرتين. كل هذا المصائب التي تكفي واحدة منها لهدم أي طموح، كانت مجرد فصول في رحلة البطل الطويلة.
وجد سويتشيرو في كل تحدٍ فرصة جديدة. حتى إنه جعل جالونات البنزين المهملة كنزًا لا يُقدر بثمن واستخدمها، وأعاد بناء مصنعه بيديه الصابرتين وعزيمته الفولاذية.
نعم، قصة نجاح تُقال بسهولة، لكنها طريق طويل مفروش بالألم والصبر، وكبح النفس واحتمال المشقة
تُعلّمُنا قصة سويتشيرو هوندا أن نؤمن بأحلامنا، ونبذل كل طاقتنا لتحقيقها، ولا نستسلم.
وأن نقتدي بالفتى الذي آمن بأحلامه فكان قادراً على تحقيقها. واختُبِر إيمانه فثبت، ورفض الاستسلام عندما وقع في المشكلة.
بذل هوندا غاية جهده، إذ كان يقضي معظم اللَّيالي نائماً في ورشته، عاملًا بجدّ لتحقيق أهدافه وأحلامه.
رأينا كيف كان الفشل فرصة، حين رفضت تويوتا أوَّل مكبس من هوندا. فعدّ هوندا الفشلَ فرصةً لتحسين تصاميمه. وعلّمَنا أن طريق النجاح لا بد أن يمرّ بالفشل، ومواجهة الصِّعاب.
شاع عن سويتشيرو هوندا أنه كان يردد دائمًا: “لا تخف من التحدي والفشل أبدًا، بل عليك أن تخاف من أن تقنعك نفسك بتجنب التحدي، وألّا تقوم بأي شيء”.
هل اقتنعت الآن بفائدة التحفيز!؟