صورة من موقع بيكسباي |
عيدكم مبارك، وكل عام وأنتم بخير.
أعودُ بعد توقّفي طيلة شهر رمضان المبارك، وبُعيد فرحة عيد الفطر السعيد، لأواصل مُعابثاتي مع الكتابة التي اخترتُها سُلوة لي أقضي فيها وقتي، وأُحبّ أن يذكُرني الناس بها.
ليلة العيد حلوة محبوبة، يَسهر فيها العُشّاق بجذل وشوق.
لا أستطيع أن أصرف ذهني إذا قلتُ “ليلة العيد”، عن الأغنية الشهيرة: “يا ليلة العيد آنستينا…” التي غنتها الستّ أم كلثوم، التي كُتب لصوتها الخلود حتى ولو لم يكن لجسدها ذلك.
أتخيّلها تأتي من تحت إبرة مُشغّل الأسطوانات “البَكَم” حيث يدور قرص الفينيل الذي نسمّيه نحن الأسطوانة في رتابة ونظام، ويصدح صوت كوكب الشرق منه شاديةً بأعذب الألحان.
صورة البكم والاسطوانة من موقع بيكسباي |
قبل مدة بحثتُ بحثًا سريعًا عن الاسطوانات الكلثومية وغير الكلثومية فألفيتُ أسعارها تتراوح بين 150 إلى 1,000 ريال تقريبًا. وهو مبلغ غير قليل إذا علمنا أن كل الأغاني يمكن الاستماع إليها مجانًا في اليوتيوب ومختلف المنصات.
أنا لا أتذكّر زمان هذه الأسطوانات. وُلدت وقد انتهت أيامها، وأكل الدهر عليها وشرب، وصارت موضةً قديمة يقتنيها أصحاب الذوق الكلاسيكي الموسيقي، أو الأثرياء ويزينون بها مجالسهم التراثية.
لكنني أدركت أقراص البلوراي. الأشرطة التي كانت تتميز بدقتها العالية وصفاوة صوتها، بالمقارنة مع أقراص الدي في دي، أو أشرطة الفيديو.
قرأتُ قبل فترة مقالًا عن ولع الناس اليوم بأقراص البلوراي في إنجلترا، أو بريطانيا، أو المملكة المتحدة (ولا أكترث للفرق بين هذه الأسماء) وأنها قد تكون خليفة لأسطوانات الفينيل خلال مدة قصيرة!
زار كاتب المقال المتاجر القريبة منه، واستغرب عن كثرة المنقبين والباحثين عن أقراص أسطوانات الفينيل مثله! وأخذ يتساءل ببساطة عن سر حب الكثير من الناس لأسطوانات الفينيل!؟
يقول الكاتب: “في الغالب أن النُدرة ورغبة امتلاك القطعة الخاصة الأثيرة المحبوبة هو السبب الذي يدفع الكثيرين لاقتناء أسطونات الفينيل. وهو أيضًا السبب نفسه الذي سيجعلهم يقتنون أقراص البلوراي التي بدأت تشهد حراكًا ملحوظًا.
يحبّ الناس امتلاك قطعة ماديّة فيزيائيّة للموسيقى أو المحتوى المفضّل لديهم. هناك شيء غامض يجعلهم يشعرون أنهم امتلكوا جزءًا حقيقيًا من تحفة رائعة.
ليست القصة فقط حبًا بالاستماع أو المشاهدة، إذن لكانوا اكتفوا بتحميلها أو عرضها على أجهزتهم فقط، لكنه سحر التجسّد والامتلاك والندرة.
هذه المشاعر أو الخصائص النفسية لا تفوت المسوّقين أبدًا،
فهم يعرفون أن جامعي التحف والنوادر والغرائب يحبون اقتناء الأشياء القديمة والنادرة لهذا السبب.
لهذا فإنّك إذا اشتريتَ من المتاجر المحترفة في التسويق، فأغلب الظن أنك ستعثر مع أسطوانة الفينيل المطلوبة على مفاجئة سارّة. كعرض على أشرطة ألعاب الكمبيوتر القديمة، أو خصم خاص على أجهزة الآيفون من الجيل الأول والثاني النادرة جدًا، والتي تُباع بمبالغ فلكية!
يقول كاتب المقال: “الأمر نفسه صحيح أيضًا بالنسبة لأقراص البلوراي، حيث تُباع بعض الأقراص التي لم تعد تُطبع اليوم بأثمان عالية.
على سبيل المثال: فيلم (Dogma) دوجما، للكاتب والمخرج كيفن سميث، هل كان أفضل فيلم أنتجته صناعة السينما على الإطلاق؟ بالطبع لا.
ولكن لأنه خرج من الطبع منذ فترة طويلة، فالنُسخ المستعملة منه والتي ليست بأفضل حال تُباع بمئات الجنيهات الاسترلينية في موقع eBay، فما بالك بالنسخ الجديدة؟!
صدقني، لا يستحق الأمر إنفاق 160 جنيه إسترليني فقط لمشاهدة دوجما، السعر كله يتعلق بالندرة”.
( نبذة من ويكيبيديا عن فيلم Dogma)
المسوقون سَحَرة، إذ يجعلون أسطوانات الفينيل التي يحبها الناس في قوالب جديدة، وأغلفة بديلة، ويجعلون معها أغاني مُصاحبة لم تُسمع من قبل، أو ما إلى ذلك.
إنهم يدركون مدى تأثير هذه الأشياء الجانبية على اتخاذ قرار الشراء الذي يُدرّ عليهم أرباحًا طائلة.
نفس الشيء ينطبق على أقراص البلوراي والإصدارات الخاصة التي تأتي جميعها مع إضافات رائعة.
فمثلًا: هذه نسخة الذكرى الـ25 للفيلم الفلاني، وهذا هو الإصدار الذي أهداه الموسيقار الكبير فلان للمشهور علّان…الخ.
وكلها تأتي بحافظات مميزة، مع كتيبات وملصقات للجمع، ومقابلات إضافية مع طاقم العمل وغير ذلك من البهارات والزوائد! الأمر الذي يُسوّغ ارتفاع سعرها مقارنة بتكلفتها الحقيقية.
يجزم الكاتب أن هذه الأسباب تجعل أقراص البلوراي على وشك أن تنهض نهضة مشابهة لأسطوانات الفينيل قريبًا.
صورة أقراص البلوراي من موقع بيكسباي |
بغض النظر عن سحر المسوقين وحِيَلهم سأبوح لكم بسر:
أنا أوقن أن كثيرًا من الأشياء سترتفع قيمتها في المستقبل ارتفاعًا هائلًا. لكن ما هي؟؟ ما الأسهم التي ستحقّق أرباحًا خياليّة، ونموًا عظيمًا في رأس المال!؟ للأسف لا أحد يعرف ذلك على وجه اليقين والجزم.
لا أنكر أنني تمنّيت -ولا زلت أتمنّى- أن يُطلعني الله على خبر من الغيب، فيأتيني تغشيش من القدر، وأعرف أسئلة الامتحان قبل حدوثه، فانطلق إلى كل ما أملك وأبيعه، وآخذ أفحش القروض بأربى الفوائد، ثم أفوز بصفقة العمر الكبرى التي لا تخيب.
أعلم أن هذا مستحيل 😭😭 فأنا لستُ نبيًا يوحى إليه، ولستُ صدّيقًا، ولا وليّا ليُريني الله منامًا يكشف لي المستقبل ويخبرني بتفاصيل ما أريد، فالأولياء والصدّيقون لا تشغلهم الدنيا إلى هذا الحد.
لكنني عزمت على عدم فقدان الأمل أبدًا، فالله قدير وأملي كبير.