المُـعارض الذي انقلب مُشتاقًا!

صورة مولدة باستخدام الذكاء الاصطناعي. تُظهر التحول من الشك والمقاومة إلى القبول والاعتماد على التكنولوجيا، مع التركيز على تطور النظرة تجاه “أبل باي”

 

‏من مفارقات الإنسان التي لا تنتهي، أنه إذا اعتاد على أمر صَعُب عليه تغييره، بل ربما قاومه واخترع أسبابًا من العدم لكي لا يُغيّر شيئًا، ولا يخرج من منطقة راحته.

‏العجيب أنه إذا أُخرج من منطقة راحته -بقدرة قادر- اعتاد على ما قاومه ونفر منه أول الأمر. ثم أعجَبه وتشبث فيه بذراعيه وعضّ عليه بالنواحذ.

‏أوضح مثال لذلك هي التكنولوجيا وتطوّرُها

‏أذكر بعض معارفي، وعددًا لا يحصى من عباد الله،

‏ شك وارتاب، وقرر قطع العلاقة مع شركة “أبل” عندما أطلقت نموذج الدفع التابع لها “أبل باي”.

‏ وكيف أنهم أخبرونا عن زيد وعبيد الذَين سُحبت أموالهما ودفعتْهُما الملعونة “أبل باي” إلى المجهول حتى أقعدتهما على “الحديدة”.

‏ مضى الزمان وذهبت الشائعات والأقاويل. 

‏فأثبتت التفاحة أنها صديق أمين. وأنها لم تخُن أبانا آدم من قبل حتى تخوننا الآن!

‏دار الزمان ورأيت بعضهم يتذمر جدًا ويتأفّف، ويُرغي ويُزبد، إذا رغب الشراء من متجرٍ ولم يجد خيار الدفع بـالـ”أبل باي”!

‏ أتوقف قليلًا وأحدث نفسي مستغربًا:

‏ ألم تكن تُخوّنهم وتشك في أمرهم. كيف انقلبت من عدو مبين إلى محب مشتاق؟!

‏لستُ عنهم ببعيد!

‏ أجزم أني لو توبِعت وأُحصيت عليّ أقوالي وأعمالي، لملأتُ كتابًا من التناقضات التي لا أجد أنا نفسي لها تفسيرًا.

‏ وربما أنكرت بعضها ونفرتُ منه، من باب شدة استغرابي لها ونسيانها لا من باب الكذب.

‏غيرت التكنولوجيا نمط حياتنا وحرفَتْنا حرفًا لا هو بالسريع جدًا ولا بالبطيء جدًا.

‏ ونجحت في جعلنا نتشربها جرعة جرعة فتدرجنا معها ولم نشعر بالصدمة.

‏لو أننا كنا في الماضي في أول أمر طوفان الإنترنت والتكنولوجيا، وعُرض علينا مستقبلنا الذي نحن فيه الآن؛ لنفرنا منه وقلنا: نعوذ بالله!!

‏إننا لو حاولنا تذكّر حياتنا قبل سنوات، لاستغربنا من كيفية عيشنا لها!‏ ولقلنا: كيف استطعنا العيش مع عدم وجود كذا، أو مع عدم إمكانية كذا!

‏ نسينا ماضينا حتى لم نعد نقدر على تخيله أو استحضاره!


‏كيف كانت حياتنا تمشي بلا آيفون ولا أجهزة ذكية ولا تطبيقات!

‏كيف نجونا بدون ساعة أبل، التي تقيس جُهدنا، وتسمح لنا بالتمرن في النادي وضرب السعرات الحرارية بيد من حديد، وملاحقتها واستخراجها صاغرة من ثنايا أجسادنا ومخابئ أحشائنا.


‏الخلاصة:

‏الإنسان -الله يصلحه- كائن متقلّب، ومتلوّن، وذو ذاكرة ضعيفة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top